كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ) أَيْ فِيمَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ، أَمَّا لَوْ وُجِدَ أَرْبَعُونَ تُغْنِي صَلَاتُهُمْ عَنْ الْقَضَاءِ فَظَاهِرٌ صِحَّتُهَا لِمَنْ لَا تُغْنِي صَلَاتُهُ تَبَعًا، وَإِنْ لَزِمَهُ قَضَاءُ الظُّهْرِ سم.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَخْ) وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ وُجِدَ هُنَاكَ أَرْبَعُونَ غَيْرُهُمْ وَكَذَا إنْ لَمْ تُوجَدْ فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ أَخْذًا مِنْ تَوْجِيهِ مَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ فِي الْأُمِّيِّ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمُشْتَرَطَةَ إلَخْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا تُغْنِي صَلَاتُهُ عَنْ الْقَضَاءِ كَالْأُمِّيِّ فِي عَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ لِأَنَّ الْأُمِّيَّ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مِثْلِهِ بِهِ بِخِلَافِ مَنْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ سم.
(قَوْلُهُ: وَسَيُعْلَمُ) إلَى قَوْلِهِ وَبِهِ يُعْلَمُ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فِيهِمْ) أَيْ فِي الْأُمِّيِّينَ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ أُمِّيٌّ إلَخْ) وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ صَالِحٍ الرَّئِيسِ سُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَهْلِ بَلْدَةٍ يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ، ثُمَّ يُعِيدُونَ الظُّهْرَ لِظَنِّهِمْ أَنَّ فِيهِمْ أُمِّيِّينَ وَمَنْ لَا يَعْرِفُ شُرُوطَ وَأَرْكَانَ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ فَيَكُونُ عَدَدُهُمْ أَقَلَّ مِنْ الْأَرْبَعِينَ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي أَكْثَرِ الْعَوَامّ الْمُقَصِّرِينَ الَّذِينَ لَا يُبَالُونَ بِالدِّينِ وَالْمُنْهَمِكِينَ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا فَهَلْ يُؤَثِّرُ هَذَا الظَّنُّ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُصَلُّوا الظُّهْرَ فَقَطْ أَوْ لَا يُؤَثِّرُ فَيَكْفِي وُجُودُ الْعَدَدِ عَلَى حَسَبِ الظَّاهِرِ فَقَطْ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ وَلَمْ يَتَيَقَّنْ أَنَّ فِيهِمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّفْتِيشَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سُوءُ الظَّنِّ بِهِمْ وَمَا أُمِرْنَا بِهَذَا فَيُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي فَهَلْ يُسَنُّ لَهُمْ إعَادَةُ الظُّهْرِ احْتِيَاطًا لِظَنِّهِمْ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ تَحْرُمُ إعَادَتُهُ وَأَجَابَ بِأَنَّهُمْ إنْ دَخَلُوا فِي الْجُمُعَةِ مَعَ ذَلِكَ الظَّنِّ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُمْ فَالْإِعَادَةُ وَاجِبَةٌ إلَّا إنْ قَلَّدُوا الْقَائِلَ بِجَوَازِهَا بِدُونِ الْأَرْبَعِينَ وَأَمَّا إنْ دَخَلُوا فِيهَا مَعَ ظَنِّ اسْتِجْمَاعِ الشُّرُوطِ فَلَا تَجُوزُ الْإِعَادَةُ لِعَدَمِ الْمُوجِبِ. اهـ.
وَتَقَدَّمَ عَنْ الْفَتَاوَى الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْأُمِّيَّةِ وَنَحْوِهَا لَا يُؤَثِّرُ مُطْلَقًا أَيْ لَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا.
(قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي الْجُمُعَةِ.
(قَوْلُهُ: بَيْنَهُمَا) الْأَوْلَى بَيْنَهُمْ بِضَمِيرِ الْجَمْعِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ) أَيْ بِالتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَشَرْحِ بَافَضْلٍ وَشَرْحَيْ الْإِرْشَادِ عِبَارَةُ الْأَوَّلِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ أَيْ إفْتَاءُ الْبَغَوِيّ إذَا قَصَّرَ الْأُمِّيُّ فِي التَّعَلُّمِ وَإِلَّا فَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ قَارِئًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَخْ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَالْبُجَيْرِمِيُّ وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عِبَارَةُ الْأَوَّلِينَ، وَلَوْ كَانُوا أَرْبَعِينَ فَقَطْ وَفِيهِمْ أُمِّيٌّ، فَإِنْ قَصَّرَ فِي التَّعَلُّمِ لَمْ تَصِحَّ جُمُعَتُهُمْ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ فَيَنْقُصُونَ عَنْ الْأَرْبَعِينَ، فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِي التَّعَلُّمِ كَمَا لَوْ كَانُوا أُمِّيِّينَ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ فَشَرْطُ كُلٍّ أَنْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ لِنَفْسِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّمْلِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ كَوْنُهُ إمَامًا لِلْقَوْمِ فَقَوْلُ الْقَلْيُوبِيِّ أَيْ تَبَعًا لِلتُّحْفَةِ يُشْتَرَطُ فِي الْأَرْبَعِينَ أَنْ تَصِحَّ إمَامَةُ كُلٍّ مِنْهُمْ لِلْبَقِيَّةِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا تَقَدَّمَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ وَإِلَّا فَالْإِعَادَةُ إلَخْ) بَقِيَ أَيْ لِمُطْلَقِ الْأُمِّيِّ قِسْمٌ آخَرُ تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَلَا إعَادَةَ وَهُوَ مَنْ لَا يُمْكِنُهُ التَّعَلُّمُ مُطْلَقًا سم.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ بِقَوْلِهِ وَعُلِمَ.
(قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ هُنَا) مَحَلُّ نَظَرٍ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَفِي انْعِقَادِ) إلَى قَوْلِهِ، وَلَوْ كَانَ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: عَدَمُ صِحَّةِ جُمُعَتِهِمْ)، فَإِنْ وُجِدَ مَنْ يَخْطُبُ لَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ بِهِمْ صَمَمٌ يَمْنَعُ السَّمَاعَ انْعَقَدَتْ بِهِمْ لِأَنَّهُمْ يَتَّعِظُونَ كَذَا فِي شَرْحِ م ر وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ تَبَعًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ مِنْ حَمْلِ كَلَامِ الْبَغَوِيّ فِي مَسْأَلَةِ الْأُمِّيِّ الْمَذْكُورَةِ عَلَى مَنْ قَصَّرَ فِي التَّعَلُّمِ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ غَيْرُ مُقَصِّرِينَ وَمَعَ ذَلِكَ لَابُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ الْإِمَامُ مِنْهُمْ كَمَا جَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ مِنْ امْتِنَاعِ اقْتِدَاءِ الْأَخْرَسِ بِالْأَخْرَسِ أَمَّا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشَّارِحِ فِي مَسْأَلَةِ الْأُمِّيِّ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ انْعِقَادِ جُمُعَتِهِمْ، وَإِنْ وُجِدَ مَنْ يَخْطُبُ لَهُمْ بَلْ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْبَعِينَ أَخْرَسُ وَاحِدٌ فَتَأَمَّلْ سم عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: م ر انْعَقَدَتْ بِهِمْ أَيْ حَيْثُ كَانَ الْإِمَامُ نَاطِقًا وَإِلَّا فَلَا لِعَدَمِ صِحَّةِ إمَامَةِ الْأَخْرَسِ، ثُمَّ هَذَا ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ صِحَّةِ جُمُعَةِ الْأَرْبَعِينَ إذَا كَانَ بَعْضُهُمْ أُمِّيًّا لَمْ يُقَصِّرْ فِي التَّعَلُّمِ أَمَّا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ ضَعِيفٌ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا لِارْتِبَاطِ صَلَاةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فَالْقِيَاسُ هُنَا عَدَمُ الصِّحَّةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مِنْ اشْتِرَاطِ الْخُطْبَةِ إلَخْ) كَانَ وَجْهُ عِلْمِ ذَلِكَ مِنْهُ تَوَقُّفُ الْخُطْبَةِ عَلَى النُّطْقِ سم.
(قَوْلُهُ: صَحَّ حُسْبَانُهُ إلَخْ) مِثْلُ ذَلِكَ مَا فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَمَّا إذَا كَانَ الْخَطِيبُ حَنَفِيًّا لَا يَرَى صِحَّةَ الْجُمُعَةِ إلَّا فِي السُّورِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَخْطُبَ وَيَؤُمَّ فِي الْقَرْيَةِ وَهَلْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الِاقْتِدَاءِ بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ فِي الْجُمُعَةِ خَلْفَ حَنَفِيٍّ إنْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ لَا سُورَ لَهَا إذَا حَضَرَ أَرْبَعُونَ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ انْتَهَى وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِنَظِيرِ مَا قُيِّدَ بِهِ مِنْ مَسِّ فَرْجِهِ سم وَقَوْلُهُ: مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ لَعَلَّ صَوَابَهُ مَنْ افْتَصَدَ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الْقَيْدِ نِسْيَانُهُ الِافْتِصَادَ عَلَى مَا بَحَثَهُ جَمْعٌ، وَإِنْ لَمْ يَرْتَضِ بِهِ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي اقْتِدَاءِ الشَّافِعِيِّ بِالْحَنَفِيِّ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مُفْسِدٌ عِنْدَنَا) أَيْ كَمَسِّهِ فَرْجَهُ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا تَقَرَّرَ) هُوَ قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا عُلِمَ مِنْهُ مُفْسِدٌ عِنْدَنَا إلَخْ، وَقَالَ ع ش هُوَ قَوْلُهُ: لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ عِنْدَنَا. اهـ.
(وَالصَّحِيحُ انْعِقَادُهَا بِالْمَرْضَى)، وَإِنْ صَلَّوْا الظُّهْرَ عَلَى مَا مَرَّ لِكَمَالِهِمْ وَإِنَّمَا سَقَطَتْ عَنْهُمْ رِفْقًا بِهِمْ (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فَوْقَ أَرْبَعِينَ) لِخَبَرِ أَوَّلِ جُمُعَةِ السَّابِقِ (وَلَوْ انْفَضَّ الْأَرْبَعُونَ) يَعْنِي الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ، وَلَوْ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ إذَا كَانَ الْإِمَامُ كَامِلًا وَالِانْفِضَاضُ مِثَالٌ وَالضَّابِطُ النَّقْصُ (أَوْ بَعْضُهُمْ فِي الْخُطْبَةِ لَمْ يُحْسَبْ الْمَفْعُولُ) مِنْ أَرْكَانِهَا (فِي غَيْبَتِهِمْ) لِاشْتِرَاطِ سَمَاعِهِمْ لِجَمِيعِ أَرْكَانِهَا (وَيَجُوزُ الْبِنَاءُ عَلَى مَا مَضَى إنْ عَادُوا قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ) عُرْفًا، وَإِنْ انْفَضُّوا لِغَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّ الْيَسِيرَ لَا يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْجَمْعِ وَغَيْرِهِ (وَكَذَا) يَجُوزُ (بِنَاءُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُطْبَةِ إنْ انْفَضُّوا بَيْنَهُمَا) وَعَادُوا قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا لِذَلِكَ (فَإِنْ عَادُوا) فِي الصُّورَتَيْنِ (بَعْدَ طُولِهِ) عُرْفًا وَضَبْطُ جَمْعٍ لَهُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى مَا بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي الْبَيْعِ بَعِيدٌ جِدًّا وَالْأَوْجَهُ مَا قُلْنَاهُ مِنْ الضَّبْطِ بِالْعُرْفِ الْأَوْسَعِ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَا أَبْطَلَ الْمُوَالَاةَ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ، ثُمَّ رَأَيْت الرَّافِعِيَّ صَرَّحَ بِهِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ أَطْلَقَ اعْتِبَارَ الْعُرْفِ وَيَتَعَيَّنُ ضَبْطُهُ بِمَا قَرَّرْته (وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ فِي الْأَظْهَرِ)، وَإِنْ انْفَضُّوا بِعُذْرٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا مُتَوَالِيًا وَكَذَا الْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ (وَإِنْ انْفَضُّوا) أَيْ الْأَرْبَعُونَ أَوْ بَعْضُهُمْ بِمُفَارَقَةٍ أَوْ بُطْلَانِ صَلَاةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى وَبِبُطْلَانٍ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّ بَقَاءَ الْعَدَدِ شَرْطٌ إلَى السَّلَامِ بِخِلَافِ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّهَا شَرْطٌ فِي الْأُولَى فَقَطْ (فِي الصَّلَاةِ) وَلَمْ يُحْرِمْ عَقِبَ انْفِضَاضِهِمْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَرْبَعُونَ سَمِعُوا الْخُطْبَةَ (بَطَلَتْ) الْجُمُعَةُ فَيُتِمُّونَهَا ظُهْرًا لِأَنَّ الْعَدَدَ شَرْطُ ابْتِدَاءٍ فَكَذَا دَوَامًا كَالْوَقْتِ فَعَلَيْهِ لَوْ تَبَاطَئُوا حَتَّى رَكَعَ فَلَا جُمُعَةَ وَإِنْ أَدْرَكُوهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ اُشْتُرِطَ أَنْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ الْفَاتِحَةِ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَالْمُرَادُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنْ يُدْرِكُوا الْفَاتِحَةَ وَالرُّكُوعَ قَبْلَ قِيَامِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ أَدْرَكُوا الْفَاتِحَةَ وَالرَّكْعَةَ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ إدْرَاكِ جَمِيعِ الْفَاتِحَةِ قَبْلَ أَخْذِ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ الَّذِي أَوْهَمَتْهُ الْعِبَارَةُ أَمَّا إذَا لَمْ يَسْمَعُوا فَلَابُدَّ مِنْ إحْرَامِهِمْ قَبْلَ انْفِضَاضِ السَّامِعِينَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَصِيرُونَ مِثْلَهُمْ إلَّا حِينَئِذٍ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُشْتَرَطُ تَمَكُّنُهُمْ مِنْ الْفَاتِحَةِ؛ لِأَنَّهُمْ تَابِعُونَ لِمَنْ أَدْرَكَهَا وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يُدْرِكُوهَا قَبْلَ انْفِضَاضِهِمْ اشْتِرَاطُ إدْرَاكِ هَؤُلَاءِ لَهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ إذَا انْفَضَّ أَرْبَعُونَ سَمِعُوا بَعْضَهَا وَحَضَرَ أَرْبَعُونَ قَبْلَ انْفِضَاضِهِمْ لَا يَكْفِي سَمَاعُهُمْ لِبَاقِيهَا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الِارْتِبَاطَ فِيهَا غَيْرُ تَامٍّ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ (وَفِي قَوْلٍ لَا) يَضُرُّ (إنْ بَقِيَ اثْنَانِ) مَعَ الْإِمَامِ لِوُجُودِ مُسَمَّى الْجَمَاعَةِ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَحَلَّ إتْمَامِهَا ظُهْرًا أَيْ وَالِاكْتِفَاءُ بِهِ إذَا لَمْ تَتَوَفَّرْ شُرُوطُ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا كَأَنْ عَادُوا لَزِمَهُمْ إعَادَتُهَا جُمُعَةً وَاعْتَمَدَ غَيْرُهُ فَقَالَ وَلِمَنْ انْفَضُّوا أَوْ قَدِمُوا أَوْ بَلَغُوا بَعْدَ فِعْلِهَا إقَامَتُهَا ثَانِيًا بِخُطْبَةِ الْمُصَلِّينَ بَلْ يَلْزَمُ الْمُقَصِّرِينَ كَالْمُنْفَضِّينَ ذَلِكَ. اهـ.
وَمَا قَالَهُ فِيمَنْ قَدِمُوا أَوْ بَلَغُوا غَلَطٌ لِقَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ أَمَّا إذَا لَمْ يَسْمَعُوهَا إلَخْ وَفِي الْمُقَصِّرِينَ يَرُدُّهُ كَالْأَوَّلِ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ يُتِمُّونَهَا ظُهْرًا وَيَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الظُّهْرِ سُقُوطُ الْجُمُعَةِ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ عَدَمَ فِعْلِ الْجُمُعَةِ قَوْلُهُمْ لَوْ بَادَرَ أَرْبَعُونَ بِهَا بِمَحَلٍّ لَا تَعَدُّدَ فِيهِ فَاتَتْ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْبَلَدِ فَيُصَلُّونَهَا ظُهْرًا لِامْتِنَاعِ الْجُمُعَةِ عَلَيْهِمْ فَإِذَا امْتَنَعَتْ الْجُمُعَةُ هُنَا مَعَ تَقْصِيرِ الْمُبَادِرِينَ بِهَا وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ: إنَّهُمْ يُؤَدَّبُونَ فَأَوْلَى فِي مَسْأَلَتِنَا وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ غَابَ بَعْضُ الْأَرْبَعِينَ فَصَلَّوْا الظُّهْرَ، ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فِي الْوَقْتِ لَمْ تَلْزَمْهُمْ إعَادَتُهَا جُمُعَةً كَمَا لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ بَعْدَ فِعْلِهَا أَوْ صَلَّى مُسَافِرًا الظُّهْرَ فِي السَّفَرِ، ثُمَّ قَدِمَ وَطَنَهُ قَبْلَ إقَامَتِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قُدُومَهُ بَعْدَ إحْرَامِهِمْ بِالظُّهْرِ كَذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ:
مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ إدْرَاكِ الْأَرْبَعِينَ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى هُوَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ شُرَّاحُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُمْ وَظَاهِرُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ بَلْ صَرِيحُهُ الِاكْتِفَاءُ بِإِدْرَاكِ رُكُوعِ الْإِمَامِ فَقَطْ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْقَفَّالُ مَرَّةً، وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَعَلَّلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ إذَا لَمْ يَمْنَعْ السَّبْقَ بِهِ الرُّكُوعُ فَكَذَا الْجُمُعَةُ وَشَرَطَ الْجُوَيْنِيُّ قُرْبَ تَحَرُّمِهِمْ مَنْ تَحَرُّمِ الْإِمَامِ أَيْ عُرْفًا، ثُمَّ هَذَا الْخِلَافُ هَلْ هُوَ خَاصٌّ بِالْجَائِينَ بَعْدَ الِانْفِضَاضِ أَوْ يَجْرِي حَتَّى فِي أَرْبَعِينَ حَضَرُوا مَعَهُ أَوَّلًا وَتَبَاطَئُوا عَنْهُ وَالْوَجْهُ جَرَيَانُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ أَبِي الدَّمِ صَرَّحَ بِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ فَالتَّفْرِيعُ كَالتَّفْرِيعِ وَكَذَا الرَّافِعِيُّ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ فَإِنَّهُ جَعَلَ هَذَا الْخِلَافَ مَبْنِيًّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ تَبْطُلُ بِانْفِضَاضِ الْقَوْمِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: بَلْ إنَّمَا فَرَّعَهُ عَلَى أَنَّ الِانْفِضَاضَ عَنْهُ فِي الْأَثْنَاءِ يُوجِبُ الظُّهْرَ لَا الْإِبْطَالَ لَكِنَّهُ نَظَرَ فِيهِ وَيَرِدُ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ تَقْرِيرَهُ بِأَنَّ انْفِرَادَ الْإِمَامِ أَوَّلًا حَتَّى لَحِقُوهُ كَانْفِرَادِهِ فِي الْأَثْنَاءِ، فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ مُبْطِلٌ، ثُمَّ أُبْطِلَ هُنَا وَإِلَّا فَلَا وَوَجْهُ الْبِنَاءِ انْفِرَادُ الْإِمَامِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ فِي الصُّورَتَيْنِ قَبْلُ بَلْ الْبُطْلَانُ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الِانْفِضَاضِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ انْفِرَادَ الْإِمَامِ وُجِدَ فِيهَا ابْتِدَاءً وَفِي تِلْكَ دَوَامًا وَالشُّرُوطُ يُغْتَفَرُ فِيهَا فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ كَالرَّابِطَةِ السَّابِقَةِ فِي الْمَوْقِفِ وَكَرَفْعِ الْجِنَازَةِ قَبْلَ إتْمَامِ الْمَسْبُوقِ صَلَاتَهُ وَلِابْنِ الْمُقْرِي هُنَا كَلَامٌ بَيَّنَ فِيهِ أَنَّ الْكُلَّ شَرَطُوا حَيْثُ لَا انْفِضَاضَ إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي إدْرَاكِ الْفَاتِحَةِ، ثُمَّ اُسْتُنْتِجَ مِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ كَمَا بَيَّنْت ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَقُلْت فِي آخِرِهِ فَتَأَمَّلْ هَذَا الْمَحَلَّ فَإِنَّهُ الْتَبَسَ عَلَى كَثِيرِينَ (وَتَصِحُّ) الْجُمُعَةُ (خَلْفَ) الْمُتَنَفِّلِ وَكُلٍّ مِنْ (الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ وَالْمُسَافِرِ فِي الْأَظْهَرِ إنْ تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمْ لِصِحَّتِهَا مِنْ هَؤُلَاءِ وَالْعَدَدُ قَدْ وُجِدَ بِصِفَةِ الْكَمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ الْعَدَدُ إلَّا بِهِ لَمْ تَصِحَّ جَزْمًا.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الْبِنَاءُ عَلَى مَا مَضَى) أَيْ قَبْلَ انْفِضَاضِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُحْرِمْ عَقِبَ انْفِضَاضِهِمْ إلَخْ) يُفِيدُ بُطْلَانَ الْجُمُعَةِ إذَا أَحْرَمَ عَقِبَ انْفِضَاضِهِمْ أَرْبَعُونَ سَمِعُوا الْخُطْبَةَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَذَلِكَ لِتَبَيُّنِ انْفِرَادِ الْإِمَامِ فِي الْأُولَى أَيْ فَلَمْ تَحْصُلْ الرَّكْعَةُ الْأُولَى لِلْعَدَدِ وَصِحَّةِ الْجُمُعَةِ إذَا كَانَ إحْرَامُ الْأَرْبَعِينَ السَّامِعِينَ عَقِبَ انْفِضَاضِهِمْ فِي الْأُولَى لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا أَدْرَكُوا الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رُكُوعِهِ، كَمَا فِي مَسْأَلَةِ التَّبَاطُؤِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ، ثُمَّ رَأَيْت التَّنْبِيهَ الْآتِي الْمُصَرَّحَ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي اعْتِبَارِ إدْرَاكِهِ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ لَا بَيْنَ الْجَائِينَ وَالْمُتَبَاطِئِينَ.